الاستشارات الاجتماعية حل أم فضح للأسرار؟
إذا تعرضت لمشكلة مع زوجك أو أهلك، تلجأ إلى قريب لتحكي له، أم تتجه للاستشارات الاجتماعية؟ رغم تطور الوعي بأهمية الاستشارات النفسية والاجتماعية، إلا أن كثيرًا من الناس لا يزال
في المدرسة، اعتادوا وصف مَن يبرع بحلّ المعادلات الرياضية “بالذكيّ”، لكنهم على الأغلب أهملوا طلاب كثيرين يتمتعون بالذكاء العاطفي. فماذا يقصد بالذكاء العاطفي؟
هؤلاء الطلاب ربما لم يُحرزوا علامة نهائية في الرياضيات أو الكيمياء، لكنهم يتمتعون بنوع من الذكاء يحسّن جودة الحياة والعلاقات، ويستطيع مَن يتمتع به تكوين علاقات ناجحة، ويتمتع برضا نفسي كبير.
ففشلك في حلّ المعادلات الرياضية، لن يؤثر على علاقتك الزوجية أو المهنية. لكن فشلك في إدارة عواطفك، ربما يهدد حياتك ككل!
عواطفنا ومشاعرنا جزء أساسي من شخصياتنا، وهي حاضرة في كل لحظة، تتأرجح كالمؤشر استجابة لأحداث الحياة حولنا.
قد تشتد مشاعرنا السلبية أحيانًا، وتصل إلى حد المعاناة. في المقابل، قد نعيش لحظات كثيرة ثرية بالمشاعر الإيجابية كالاهتمام، والامتنان والإيثار وغيرها.
هذه القوة الهائلة والمؤثرة في حياة كل شخص منا، أثارت فضول العلماء لاستكشافها واستطلاع جوانبها، فكانوا يبحثون وفي عقولهم أسئلة عدة:
هل من الممكن السيطرة على هذه القوة وتجييرها لصالح الانسان؟
هل يمكن حماية الإنسان من عواقبها الوخيمة؟
هذه المقدمة تجعلنا أكثر فهمًا لمعنى الذكاء العاطفي. فهو قدرتك على فهم مشاعرك واستخدامها وإدارتها بالشكل الصحيح، والتمييز بين العواطف المختلفة، والتواصل بفعالية مع الآخرين، وقدرتك على التعاطف معهم.
بعض الناس يُولدون أذكياء اجتماعيًا وبعضهم ضعيف فيه، إلا أن الخبر الجيد أن الذكاء العاطفي قابل للنمو، والتعلّم، والتعديل.
ربما تفتقر الذكاء العاطفي!
هناك علامات يدلّ تكرارها على ضعف أو افتقار الذكاء العاطفي. قبل أن تقرأ هذه العلامات وربما تحزن لوجود بعضها في شخصيتك، دعنا نذكرك أن هذا الذكاء يمكن العمل على تطويره.
الذكاء العاطفي يساعدك في التعرف على مشاعر الآخرين، فتعرف إن كان الشخص الذي أمامك منزعجًا، والسبب الذي جعله منزعج حتى تتجنبه في المرة القادمة ويزداد التفاهم بينكما.
القراءة الخطأ لمشاعر الآخرين، قد تؤدي إلى مشاكل، أو تجعلك تفسّر الأمور بشكل خاطئ.
أحيانًا تمرّ مواقف تجعلنا غير متأكدين من مشاعرنا لأننا نعجز عن فهمها. طالما أن هذه الحالة طارئة فلا بأس، لكن المشكلة تظهر عندما تشعر أنك لا تفهم مشاعرك طوال الوقت. فأنت غير مرتاح، لكنك لا تعرف إن كنت خائفًا بسبب تجربةٍ جديدة أم حزين لسببٍ آخر مرتبط بها -على سبيل المثال-.
إلى جانب عدم فهم مشاعرك أنت، قد تكون عاجزًا عن فهم مشاعر الآخرين. إذا كان ذكاؤك العاطفي ضعيفًا، ربما تسأل باستمرار، لماذا هذا الشخص متضايق مني؟ ما الذي أثار غضبه؟
من مكونات الذكاء العاطفي، القدرة على إدارة المشاعر والسيطرة على الانفعالات. على سبيل المثال، الأذكياء عاطفيًا قد يلجئون إلى المشي فور شعورهم بالغضب، أو يؤجلون النقاش مع شخص غاضب أمامهم حتى يهدأ أولًا.
بينما الشخص المفتقر للذكاء العاطفي، يصرخ وينهار باستمرار، ولا يستطيع كبح نفسه عندما يشعر بالضيق.
التعاطف مع الآخرين، ناتج عن القدرة على فهم مشاعرهم، وهو ضروري لاستمرار العلاقات الإنسانية. قد يكون الأشخاص المحيطين بك، أخبروك من قبل أنك لا تتعاطف معهم، أو أنك تتعاطف مع نفسك فقط، مثل النرجسيين الذين يعانون من محدودية الذكاء العاطفي.
الأشخاص الذين لا يتمتعون بذكاء عاطفي جيد، يعجزون عن التعامل مع المشاكل والمواقف الصعبة، لأنهم لا يفهمون مشاعرهم جيدًا أو لا يسيطرون عليها.
وعلى العكس، الشخص الذكي عاطفيًا، يركز على ضبط انفعالاته وإيجاد طرق لحل مشاكله، ولا يستسلم لمشاعر الغضب أو الحزن الشديد.
فهناك عبارات مثل “أخبرني أكثر عن .. ” أو “ما رأيك بـــــ…”، تبدو إيجابية وتدل على التعاطف مع الآخرين. المشكلة تظهر عندما تستخدم هذه العبارات وأنت غير مهتم في الحقيقة بآراء الآخرين، أو أنك لا تجيد الاستماع لهم.
مما سبق نستنتج أن الذكاء العاطفي يجب أن يشمل:
إذا كنت تبحث عن حياة اجتماعية قليلة المشاكل والصراعات، وعلاقات مهنية تدوم وتنجح، ونفسية سليمة ومتوازنة، لابد أن تعمل على تقوية ذكائك العاطفي.