ماذا يحدث لنا بعد فقدان حبيب؟ نصائح للتعامل مع شعور الفقد
“أصبحت شخصًا آخر بعد وفاة أبي”.. “كانت وفاة زوجي ولا تزال علامة فارقة في حياتي”.. لا يمكن أن يزورك شعور الفقد بعد أن يرحل عزيزًا عليك، وتعود كما كنت تمامًا.
لا تصدّق هذه الخرافات عنها!
بشكلٍ شبهِ يومي، نسمع عن أخبار الجرائم والانتحار والعنف وغيرها من المشاكل التي تنمّ عن مشكلة نفسية لدى مرتكبيها. وقد نظنّ لوهلةٍ أن هذه الفئة من الناس قليلة، وأنهم بالتأكيد نشأوا في ظروفٍ صعبة قادتهم نحو هذه المشاكل والجرائم.
في الحقيقة، هذا الكلام ليس دقيقًا!
فقد ينشأ الشخص في بيئة سليمة اجتماعيًا ويعيش مع العديد من المشكلات النفسية، وقد تظهر أعراض جسدية متكررة مثل آلام القولون والسكري والصداع ونظنّ أن السبب فسيولوجي وننسى أن لكل مرض ارتباط مباشر ووثيق بصحتنا النفسية.
لنرى اهمية الصحة النفسية للفرد والمجتمع .
رغبتنا الجماعية بالحياة في مجتمع صحيٍ متسامح، خالي من العنف والفوضى والأمراض، تعدّ مهمّـنا جميعًا، يمكن أن نبدأ بها إذا اهتممنا بصحتنا النفسية.
فالإنسان السويّ هو مصدر النهضة والفكر والتقدّم، ولكي يقوم الفرد بأداء واجباته ومهامه الذاتيّة والاجتماعيّة على أكمل وجه، لا بد أن يكون متمتّعًا بصحة نفسيّة عالية تخلو من الاضطرابات والمشاكل التي تؤثر بشكل سلبيّ في بذله وعطائه وإنجازاته.
فالفرد المصاب باضطراب أو خلل نفسيّ، لن يؤثر على نفسه فقط، بل سيضر بالآخرين ويكون عائقًا أمامهم.
في كل مرحلة من مراحل نموّنا، نواجه متاعب ومشاكل خاصة تؤثر على صحتنا النفسية، وهو أمر طبيعي. غير الطبيعي هو أن تقف هذه المتاعب والضغوط عائق أمامنا دون حلّ، وتتراكم عامًا بعد عام حتى يصعب علاجها في فترة ما.
فمثلًا انتقال الفرد من مرحلة الطفولة إلى المراهقة يعني التغيّر في الانتماء، فهو الآن ينتمي إلى جماعة الكبار، ما يستلزم التكيّف مع الوضع الجديد. ويقتضي من الفرد إعادة النظر في الأساليب الطفولية السابقة، وبناء نماذج تتفق مع حياة الكبار، كحاجته إلى نوع جديد من العلاقات ونمط مختلف من التعامل لم يعهده.
هذه التحدّيات إلى جانب رغباته وحاجاته التي تتغيّر ويحتاج إلى إشباعها، قد تؤثر على الصحة النفسية ومدى تقدير واحترام الذات.
إذا لم يتم الاعتناء بصحّة المراهق النفسية، تظهر مشكلات متعددة مثل الانعزال والاكتئاب والعدوانية والنزعة الانتحارية وغيرها.
في عمر الشباب، تتغير طبيعة الضغوط، ويشعر الفرد أن المسؤوليات تراكمت فجأة عليه، خاصة إذا تزوّج وصار مسؤولًا عن أطفال.
وعندما نكبر في العمر أكثر، تظهر تحدّيات من نوع آخر، لها علاقة بالتقاعد والتفكير بمستقبل الأبناء وتغير الأولويات.
نعم.. لابد للحياة أن تضغط علينا وتهدد صحّتنا النفسية لأن هذه طبيعتها.
وهذه الطبيعة تجيب على السؤال الأساسي الذي طرحناه في البداية “لماذا يجب أن نهتمّ بصحتنا النفسية؟”.
على سبيل المثال، نحن مُعجبون بكمّ التطور الذي وصلنا إليه في كافة المجالات، لكنّ السرعة في التغير تتطلب سرعة في التأقلم.
فقد تغيرت أساليب التربية والتعليم والاتصالات وأشكال العلاقات الاجتماعية والعمل وحتى طبيعة الأمراض التي تهدد أجسادنا.
فالإنسان في رحلة سعيه نحو تحقيق أهدافه ومطالب الحياة الرئيسية، يتعرض إلى عدد من المواقف التي تثير توتّره في البيت والعمل والبيئة المحيطة.
في الأسرة يواجه الأب والأم مطالب قد تفوق إمكاناتهم، وفي بيئة العمل يواجهون ضغوطًا إضافية، ويشعر الفرد أحيانًا أنه لا يكاد يرتاح لا داخل البيت ولا خارجه.
الصراع النفسي حالة من التوتر والضيق الناتج عن التردّد في اتخاذ القرار، حينما يكون الفرد أمام قوتين في اتجاهين متعارضين. كثرة الصراعات النفسية وعدم القدرة على تحمّلها أو حلّها بطرق غير متوافقة يسبّب العديد من الاضطرابات مثل ارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين، والقولون العصبي، والهستيريا التحولية.
وهي مجموعة العوائق المادية والاجتماعية التي تعوق إشباع حاجات معينة، أو تحقيق أهداف محددة للفرد، وينتج عنها التوتر والقلق.
وما أكثر الإحباطات التي تواجهنا في حياتنا اليومية، بدءًا من طفلٍ يريد شراء لعبة ولا يجد مالًا لشرائها مرورًا بمريضٍ يحتاج إلى علاج ولا يستطيع الحصول عليها، وصولًا إلى موظفٍ لديه طموحات كبيرة وإمكاناته لا تحقق له ذلك.
مثل هذه الإحباطات تؤثر على الصحة النفسية فيتولد عنها العدوانية والتوتر والقلق والأرق، وربما سلوكيات منحرفة وغير ناضجة.
وبسبب الصورة الخاطئة أو السلبية عن الصحة النفسية، انتشرت العديد من الخرافات التي لا يجب أن تصدّقها بعد الآن، أبرزها:
كلّ ما سبق يؤكد أن الصحة النفسية ليست حاجة عادية وليست رفاهية بالطبع، بل هي مكوّن أساسي من مكوّناتنا كأفراد.
فالعلم استطاع اليوم أن يعرف أسباب الأمراض النفسية، وكيفية الاعتناء بها للحد من الاضطرابات النفسية.
كما يساعد علم النفس الفرد في تنمية مهاراته والتعامل الصحيح مع ضغوطات الحياة، وتقبّل العَثَرات والإحباطات بشكل لا يحطّمه نهائيًا.
يمكنك البدء بطلب الدعم النفسي المتخصص من أي مكان وفي أي وقت.
ربما تحجز الآن جلستك الأولى من خلال فامكير!